‘ مين الحمار؟ ‘ - قصّة بقلم : سعيد نفّاع
الكثير من الأمور كانت تشغل بال فندي الراشد ابن بلدنا؛ فلّاح "داير على رزق الحلال"، مثله مَثل بقيّة الناس. الانجليز طبّوا على البلاد وما عارف خيرهم من شرّهم، لكن بين "سرّه وخالقه" عارف:
سعيد نفّاع - صورة شخصية
إنّه ما من خير سيجيء من ورائهم، خصوصًا وأنّهم واليهود "خوش بوش"*. رغم ذلك، الهمّ الأكبر الذي كان يشغله همّ لقمة العيش لأفواه خمسة وراءه، فالله أقامه عليها إن كان لله في ذلك شأن. صحيح أنّ السائد: إنّ الله يخلق المخلوق ورزقه معه، لكن هذا الرزق بحاجة لمن يجنيه، وفندي جنّاء.
كان يشغل باله كذلك حماره، فهو عنده أهمّ من الإنجليز وأهمّ من اليهود. هو معوانه الأوّل والأخير على لقمة العيش؛ لا يكلّ ولا يملّ ويتحمّله في نَزَقه وفي هدوئه، وكم صدق من سمّاه: "أبو صابر". الحقيقة أنّ فندي كان يحبّ حماره؛ قلّما يضربه، ويدأب على مداواة جراحه من آثار "لحسة" من "عود الحراث" أو "الجْلال" أو"القندلة"*. وهذا كوم وإشباعه كوم، فلم يبخل عليه يومًا ولم يكن يكتفي بإطعامه التِبْن "حاف" وإنّما يخلط التِبْن بالشعير والكرسنّة، وحبتين زيادة.
أن يحبّ حماره شيء ولكن أن يُقارن به ويوضع في منزلته فهذا شيء آخر، لم يخطر على باله مرّة. كان فندي عائدًا من الأرض من يوم حصاد طويل شاقّ راكبًا الحمار، والحمار محمّل بكُدسين غليظين من سنابل القمح. كانت طرق بلدنا الداخليّة كما بقيّة طرق قرانا أزقّة ضيّقة، اللهم إلّا طريق البيادر، فكان تعارف الناس ألّا يقلّ عرضها عن حمل جمل مُبحبح من الرجيدة*.
فندي كان في طريقه إلى البيدر ليفسخ الحمل المُعاني تحته الحمار. كان العُرف بين الناس إن تصادف وتقابل اثنان من الرجّادة* في الطريق فحقّ العبور للكادس، يخلي الفاسخ حِملَه الطريق حتّى لو اضطر إلى الرجوع مسافة ومهما طالت، وعن طيب خاطر.
طلّت قبالة فندي سيّارة شرطة انجليزيّة عند ناصية طريق البيادر اعتقد فندي أنّها ستقف ريثما يمرّ، فمن غير الوارد كان أن يتراجع هو. يبدو أن الشرطيّ السائق استكثر على "حمارة" صاحب الجلالة أن تقف أو تتراجع في وجه حمار، فظلّ داهمًا سادّا الطريق على فندي وحماره الذي يَكادُ يَنُوء بحمله. لم يتحرّك فندي ولم يبدُ عليه أنّه سيخلي الطريق إجلالًا ل"حمارة" صاحب الجلالة ولا للذي يركبها بجانب السائق وغليونه طول الشبر.
ترجّل السائق بادية عليه العصبيّة، وتبيّن سريعًا أنّه من "أولاد العرب" أزلام كلّ غريب.
_ أعمى؟! ما شفت السيّارة؟ مين الحمار انت واللّا اللّي راكبُه؟!
_ الحمار، يا سيدي، اللّي مش عارف يفرّق بينّا!
وعلى ذمّة الراوي لم تنته القصّة في صالح الحمار!
*خوش: حسن المعاشرة – فارسيّة. *بوش: خالي من الطمع – تركيّة. *"سرج" الحمار. *الحمّالة الحديديّة. *حمل الجمل من سنابل الحبوب. * ناقل الحصاد وعادة على الجِمال.
من هنا وهناك
-
الشيخ هاشم عبد الرحمن عن موسم الحج: نسبة كبيرة من الحجاج هذا العام تقدّر بنحو 70% هم من فئة الشباب
-
بعد الحادث الصادم .. هجوم القرش في الخضيرة يجذب محبي الاستطلاع إلى الشاطئ
-
غدا : أجواء خماسينية تسود البلاد .. ومتى تنكسر موجة الحر؟
-
موشحات ‘ للفصح غابَ الْمُجَرِّبُ وانْهزَمَ ‘ - بقلم : اسماء طنوس من المكر
-
ثور وزنه نصف طن يخرج عن السيطرة ويهاجم الجمهور بمهرجان في إسبانيا
-
إعلام: سرقة حقيبة وزيرة الأمن الداخلي الأمريكي في مطعم بواشنطن
-
فيديو يحبس الأنفاس: فتى ينزلق من لعبة بمدينة ملاهي ويتعلّق بقضيب حديدي
-
اعتقال مسافر عاد من كمبوديا بحوزته عشرات الاف اقراص المنشطات الجنسية بقيمة 450 ألف شيكل
-
المعلمة سهاد بنا من الناصرة: امتحانات تقييم طلاب المدارس هدفها رفع مستواهم
-
‘خاتم الصياد‘ .. لماذا يدمر خاتم البابا بعد وفاته؟
أرسل خبرا